بسم الله الرحمن الرحيم
يعتبر إدمان المخدرات من الآفات الخطيرة التي تهدد مستقبل الشباب، إذ تسلبهم عقولهم ورجولتهم، وبالتالي حضورهم المسؤول ومساهمتهم في بناء ورقي مجتمعاتهم.
فالإدمان هو تعاطي شيء معين كل مدة معينة وحسب مقادير معينة، ومع مرور الأيام يصبح ضروريا للجسم ، وإلا تسبب غيابه في اختلال بعض وظائفه.
والاعتماد (الإدمان) هو التعاطي المتكرر للمواد المؤثرة بحيث يؤدي إلى حالة نفسية وأحيانا عضوية، وتسيطر على المتعاطي رغبة قهرية ترغمه على محاولة الحصول على المادة النفسية المطلوبة بأي ثمن(موقع الجزيرة)
والمخدرات مفردها مخدر، و وهو مايخدر العقل ويذهب به، وله مفعول الخمر في مخامرة العقل. وقديما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه : الخمر ما خامر العقل. أي ما ذهب به وأفقده وعيه.
مما سبق نستخلص أن إدمان المخدرات هو تعاطي هذه المواد المخدرة من حشيش وأقراص مهلوسة وغيرها، بصفة منتظمة تزداد مقاديرها بازدياد قوة التحمل لدى الشخص المدمن، حيث تصبح حركة الجسم ونشاطه موقوفا بشكل جنوني على تناولها،
قياسا على تحريم شرب الخمر الذي يذهب بالعقل ويجعل المرء يقوم بأفعال تدنس شخصيته وتمرغها في الوحل، فقد أفتى جمهور العلماء المعاصرين بتحريم تناول المواد المخدرة. ولما سئل سيدنا أبو بكر الصديق عن عدم شربه للخمرأيام الجاهلية، أجاب : إني امرء أحب أن أصون مروءتي.
ويرجع انتشار المخدرات إلى العديد من الأسباب، مجملها إجتماعية وأخلاقية (إيمانية). فمن أهمها نجد مشكل البطالة وعطالة الشباب، ووجود أوقات الفراغ، وانعدام الحوار البناء والصريح بين الأباء وأبنائهم، وبين الأساتذة وتلاميذهم، مما يجعلهم يشعرون بنوع من التهميش والإقصاء، خاصة مع قلة المرافق العمومية، كالنوادي الثقافية والعلمية والملاعب الرياضية، والتي يمكن من خلالها أن يفرغوا طاقاتهم ويبرزوا مواهبهم.
كما أن انتشار العري والتبرج في المجتمعات العربية والإسلامية، وفي الفضائيات والأنترنيت، يدفع الشباب العاجز ماديا عن الزواج أن يبحث عما ينسيه آلامه وآماله، ويفجر فيه أحاسيسه وغرائزه، فيتجه إلى الفساد وإلى الإدمان.
ومن أسباب الانتشار الفظيع لهذه الآفة، سهولة دخولها إلى الأوطان العربية، وتداولها الواسع في صفوف الشباب والطلبة والتلاميذ، دون أن تجد يدا من حديد تصدها، وتمنعها من تخريب العقول، باستثناء حملات موسمية تنظمها الحكومات لمحاصرة الموزعين وحجز كميات المخدرات المهربة.
تخلف ظاهرة تعاطي المخدرات العديد من النتائج السلبية، ففي العالم العربي وحده هناك ما يناهز العشرة ملايين مدمن، وهم في أغلب الحالات يشكلون عالة على أسرهم، التي توفر لهم المأوى والمأكل والمشرب، مقابل عقوقهم المستمر وأمزجتهم الصعبة وتهديدهم الدائم إن لم يتوصلوا بمصاريف إضافية، بل يصل بهم الحال إلى أخذ الأشياء الثمينة من البيت وبيعها لتلبية نزاوتهم. كما أن المتعاطين للمخدرات غالبا ما يملؤون المقاهي والشوارع دون أن يقوموا بأعمال تنقذهم من الضياع، وتساهم في بناء مجتمعهم وعمارته.
كما أن تجارة المحدرات تكلف الدول كثيرا، إذ هي تجارة غير قانونية وتتم بمبالغ خيالية، ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة فإن تجارة المخدرات تمثل المركز الثالث ضمن الأنشطة التجارية والاقتصادية العالمية، ويتم سنوياً غسيل حوالى 120 بليون دولار من تلك التجارة فى أسواق المال العالمية ومن خلال المصارف والبنوك الكبيرة. حسب مقال أورده موقع
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط] وتكلفها أيضا عندما تضطر لانشاء مكاتب ومصالح خاصة لمكافحتها.
ولمعالجة هذه الظاهرة نادت العديد من المراكز الاجتماعية والجمعيات الأهلية بإحداث مرافق عمومية مجانية خاصة بالشباب يمارسون فيها رياضاتهم المفضلة، ويشاركون في الإبداع والابتكار العلمي والثقافي، عبر نواد متخصصة في الكثير من المجالات الحيوية، شريطة توفر الإمكانات الضرورية.
إلا أن أهم علاج للإدمان في نظري هو العلاج النفسي الذي يبدأ بالتقرب إلى الله عز وجل بأنواع الطاعات وقراءة القراءن. فقد قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء" أو كما قال.
فقد أوصى عليه السلام الشباب بالصيام، الذي لا يصح إلا إذا ابتعد صاحبه عن الرفث والفسوق والعصيان. كما أن الدورات الروحية التي تحدث عنها الأستاذ سعيد حوٌى في كتابه "تربيتنا الروحية"، والتي تنظم بشكل دوري، وتتضمن في برامجها قراءة القرآن وذكر الله والصيام ومجموع الأعمال الفاضلة، تنمي من نفسية الشاب وتجعله واثقا بالله ثم بنفسه، فيصبح شخصا فاعلا نافعا، مترفعا عن سفاسف الأمور.