الخصال الموجبة لدخول الجنة في القرآن والسنة - 1
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد المرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين . أما بعد :
فهذه رسالة صغيرة جمعت فيها أهم الآيات القرآنية ، والأحاديث النبوية ( الصحيحة والحسنة) معزوة لمصادرها، والتي تذكر الخصال والصفات الموجبة لدخول الجنة ، التي يطمع بها كل مؤمن بالله تعالى في هذه الأرض ، ولم أتعرض فيها لشرح ولا تفسير إلا قليلا .
ولكن هناك بعض الملاحظات التي يجب على المرء معرفتها في هذا المجال :
1- أنه لا يجب على تعالى شيء ، أي لا يجب عليه سبحانه وتعالى إدخال أحد الجنة ، فعَنِ ابْنِ الدَّيْلَمِىِّ قَالَ وَقَعَ فِى نَفْسِى شَىْءٌ مِنَ الْقَدَرِ فَأَتَيْتُ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ :
( لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ كَانَتْ رَحْمَتُهُ لَهُمْ خَيْراً مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَلَوْ كَانَ لَكَ جَبَلُ أُحُدٍ أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَباً أَنْفَقْتَهُ فِى سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ اللَّهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ وَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَأَنَّ مَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَإِنَّكَ إِنْ مِتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ ) . رواه أحمد (22233) ( صحيح ) ، وقال تعالى : ** لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ (23)} [الأنبياء:23] .
وقال تعالى : ** قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26) تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ (27) } [آل عمران:26، 27].
2- الله تعالى لا يخلف الميعاد ، وقد وعدنا بالجنة ، فلن يخلف وعده سبحانه وتعالى ، قال تعالى : ** وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ (7)} [الروم:6-8] .
وقال تعالى : رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9) [آل عمران/9] وقال تعالى : أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنْتَ تُنْقِذُ مَنْ فِي النَّارِ (19) لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ (20) [الزمر/19، 20] وقال تعالى : وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا (122) [النساء:122، 123].
3- لن يدخل أحد منا الجنة بعمله ، وإنما برحمة الله وفضله وكرمه ، ففي صحيح مسلم (2816) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « قَارِبُوا وَسَدِّدُوا وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَنْ يَنْجُوَ أَحَدٌ مِنْكُمْ بِعَمَلِهِ » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلاَ أَنْتَ قَالَ « وَلاَ أَنَا إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِىَ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ » .
وقال تعالى : **وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (107)} [آل عمران/107، 108] .
وعَنْ ضَمْضَمِ بْنِ جَوْسٍ الْيَمَامِىِّ قَالَ قَالَ لِى أَبُو هُرَيْرَةَ يَا يَمَامِىُّ لاَ تَقُولَنَّ لِرَجُلٍ وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَوْ لاَ يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَبَداً . قُلْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّ هَذِهِ لَكَلِمَةٌ يَقُولُهَا أَحَدُنَا لأَخِيهِ وَصَاحِبِهِ إِذَا غَضِبَ . قَالَ فَلاَ تُقُلْهَا فَإِنِّى سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « كَانَ فِى بَنِى إِسْرَائِيلَ رَجُلاَنِ كَانَ أَحَدُهُمَا مُجْتَهِداً فِى الْعِبَادَةِ وَكَانَ الآخَرُ مُسْرِفاً عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَا مُتَآخِيَيْنِ فَكَانَ الْمُجْتَهِدُ لاَ يَزَالُ يَرَى الآخَرَ عَلَى ذَنْبٍ فَيَقُولُ يَا هَذَا أَقْصِرْ . فَيَقُولُ خَلِّنِى وَرَبِّى أَبُعِثْتَ عَلَىَّ رَقِيباً . قَالَ إِلَى أَنْ رَآهُ يَوْماً عَلَى ذَنْبٍ اسْتَعْظَمَهُ فَقَالَ لَهُ وَيْحَكَ أَقْصِرْ . قَالَ خَلِّنِى وَرَبِّى أَبُعِثْتَ عَلَىَّ رَقِيباً . قَالَ فَقَالَ وَاللَّهِ لاَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَوْ لاَ يُدْخِلُكَ اللَّهُ الْجَنَّةَ أَبَداً .
قَالَ أَحَدُهُمَا قَالَ: فَبَعَثَ اللَّهُ إِلَيْهِمَا مَلَكاً فَقَبَضَ أَرْوَاحَهُمَا وَاجْتَمَعَا عِنْدَهُ فَقَالَ لِلْمُذْنِبِ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِى . وَقَالَ لِلآخَرِ أَكُنْتَ بِى عَالِماً أَكُنْتَ عَلَى مَا فِى يَدِى خَازِناً اذْهَبُوا بِهِ إِلَى النَّارِ » . قَالَ فَوَالَّذِى نَفْسُ أَبِى الْقَاسِمِ بِيَدِهِ لَتَكَلَّمَ بِالْكَلِمَةِ أَوْبَقَتْ دُنْيَاهُ وَآخِرَتَهُ . رواه أحمد في مسنده (8515) ( صحيح ) .
وعَنْ أَبِى نَضْرَةَ قَالَ مَرِضَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ عَلَيْهِ أَصْحَابُهُ يَعُودُونَهُ فَبَكَى فَقِيلَ لَهُ مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَلَمْ يَقُلْ لَكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « خُذْ مِنْ شَارِبِكَ ثُمَّ اقْرِرْهُ حَتَّى تَلْقَانِى » قَالَ بَلَى وَلَكِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَبَضَ قَبْضَةً بِيَمِينِهِ فَقَالَ هَذِهِ لِهَذِهِ وَلاَ أُبَالِى . وَقَبَض قَبْضَةً أُخْرَى يَعْنِى بِيَدِهِ الأُخْرَى فَقَالَ هَذِهِ لِهَذِهِ وَلاَ أُبَالِى . فَلاَ أَدْرِى فِى أَىِّ الْقَبْضَتَيْنِ أَنَا » .أخرجه أحمد ** 5/69 (21210) ( صحيح ).
4- لا يجوز أن نمن على الله تعالى بشيء من أعمالنا لأن الله تعالى له وحده المنة والفضل .
قال تعالى : **قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (17)} [الحجرات:16، 17].
5- من قام بالواجبات وترك المحرمات فهو من الناجين عند الله تعالى ولن يدخل النار قال تعالى : **إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا (31)} [النساء:31].
و عَنْ جَابِرٍ قَالَ أَتَى النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم النُّعْمَانُ بْنُ قَوْقَلٍ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِذَا صَلَّيْتُ الْمَكْتُوبَةَ وَحَرَّمْتُ الْحَرَامَ وَأَحْلَلْتُ الْحَلاَلَ أَأَدْخُلُ الْجَنَّةَ فَقَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « نَعَمْ » . رواه مسلم ( 15).
6- إن دخول الجنة على الشكل التالي حسب مجموع النصوص الشرعية :
-قوم يدخلون الجنة بغير حساب ، وهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء :
قال تعالى : ** وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70) } [النساء:69، 70].
ومن ورد النص على دخولهم الجنة صراحة كالعشرة المبشرين بالجنة ، وأهل بدر والحديبية ، ومن ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم سواهم كما في مسند أحمد (22963) عَنْ أَبِى أُمَامَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « وَعَدَنِى رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَ الْجَنَّةَ مِنْ أُمَّتِى سَبْعِينَ أَلْفاً بِغَيْرِ حِسَابٍ وَلاَ عَذَابٍ مَعَ كُلِّ أَلْفٍ سَبْعُونَ أَلْفاً وَثَلاَثَ حَثَيَاتٍ مِنْ حَثَيَاتِ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ » . وهو حديث صحيح مشهور.
- الذين توزن أعمالهم من المؤمنين فهم ثلاثة أصناف :
- الصنف الأول : زادت حسناتهم عن سيئاتهم بحسنة واحدة فأكثر فهؤلاء يدخلون الجنة مباشرة وسوف يمرون على الصراط بسرعة حسب كثرة حسناتهم وقلتها ، قال تعالى : وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (Cool [الأعراف:8].
وقال تعالى : فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (102) [المؤمنون:102].
- الصنف الثاني : من استوت حسناته مع سيئاته فهؤلاء أهل الأعراف يبقون في مكان بين الجنة والنار ولكنهم لا يدخلون النار ثم يدخلون الجنة فيما بعد قال تعالى : وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ (46) وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (47) وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالًا يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (48) أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (49) [الأعراف:46-49]
وقال ابن عباس: أهل الأعراف، قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم.رواه الطبري (14698) ( صحيح ).
- الصنف الثالث : من كانت سيئاته أكثر من حسناته فهو يستحق دخول النار وهم عصاة المؤمنين ، فبعضهم لا يدخل النار لوجود شفاعة له من قريب أو نحوه ، وقوم يدخلون النار يعذبون فيها بقدر أوزارهم ثم يخرجون من النار بالشفاعة أو برحمة الله تعالى ومآلهم إلى الجنة فلن يبقى موحد في النار ، وعلى هذا إجماع أهل السنة .
ففي البخاري ( 44) عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ » .
وفي البخاري أيضا ( 6571 ) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ - رضى الله عنه - قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم « إِنِّى لأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجاً مِنْهَا ، وَآخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولاً رَجُلٌ يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ كَبْواً ، فَيَقُولُ اللَّهُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ . فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى ، فَيَرْجِعُ فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى ، فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ . فَيَأْتِيهَا فَيُخَيَّلُ إِلَيْهِ أَنَّهَا مَلأَى . فَيَقُولُ يَا رَبِّ وَجَدْتُهَا مَلأَى ، فَيَقُولُ اذْهَبْ فَادْخُلِ الْجَنَّةَ ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا . أَوْ إِنَّ لَكَ مِثْلَ عَشَرَةِ أَمْثَالِ الدُّنْيَا . فَيَقُولُ تَسْخَرُ مِنِّى ، أَوْ تَضْحَكُ مِنِّى وَأَنْتَ الْمَلِكُ » . فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ ، وَكَانَ يُقَالُ ذَلِكَ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً .
وقال الطحاوي رحمه الله : ( وَأَهْلُ الْكَبَائِرِ مِنْ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فِي النَّارِ لَا يُخَلَّدُونَ، إِذَا مَاتُوا وَهُمْ مُوَحِّدُونَ ).
أي يعتقد أهل السنة والجماعة أنَّ أهل الكبائر من هذه الأمة مُتَوَعَّدُونَ بالنار؛ لكن إذا دخلوها وكانوا مُوَحِّدِينَ فإنهم لا يخلدون فيها، وقد يعذِّبهم الله - عز وجل - وقد يغفر لهم .
- الحذر الحذر من اليأس من رحمة الله قال تعالى : ** إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ (87)} [يوسف:87] :
وفي البخاري( 7505 ) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ « قَالَ اللَّهُ أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى » ؛ بل عليه أن يحسن الظن بالله تعالى .
قال الإمام الذهبي في الكبائر : ولذلك ينبغي للمرء أن يجتهد في القيام بما عليه ، موقنا بأن الله يقبله ويغفر له ، لأنه وعد بذلك ، وهو لا يخلف الميعاد ، فإن اعتقد أو ظن أن الله لا يقبلها ، وأنها لا تنفعه فهذا هو اليأس من رحمة الله ، وهو من الكبائر ، ومن مات على ذلك وُكل إلى ما ظن فإن كان خيرا فخير وإن ظن غير ذلك فله . .
- عليك أخي الحبيب أن تحاول أن تكون من السابقين الأولين الذين قال الله تعالى فيهم: ** وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ (10) أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ (11) فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ (12)} [الواقعة/10-13].
واحذر أشد الحذر الشرك الأكبر؛ لأن الله تعالى لن يغفره قال تعالى: (( إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (48) )) [النساء:48].
نسأل الله تعالى بمنه وكرمه أن يغفر لنا ويرحمنا ، قال تعالى: (( رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ(Cool رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللّهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ (9) )) [سورة آل عمران].